الطريق إلى استقلال الكربون من خلال الاندماج النووي
عندما كان "خيسوس روميرو" كبير العلماء في شركة TAE Technologies ، طفلآ كان والده يحضر معه صحيفة كل يوم أحد كانت بداخلها صحيفة صغيرة للأطفال تحتوي على ألغاز , كانت الألغاز غالبها متاهات ، حيث كان الهدف مساعدة حيوان كرتوني على إيجاد الطريق الصحيح عبر "مخاطر" مختلفة للوصول إلى الهدف في النهاية , أدرك روميرو سريعًا أن حل الألغاز أسهل إذا بدأت من النهاية وسلكت طريقك للخلف يروي هذه القصة كمقدمة لوصف ملصق عند مدخل شركة TAE في كاليفورنيا يظهر الملصق المؤسس التكنولوجي الراحل للشركة "نورمان روستوكر" مرتديآ قبعة رعاة البقر و مقولته المشهورة :: "لقد بدأنا والهدف نصب أعيننا" .
الهدف الذي تسعى شركة TAE إلى تحقيقه هو طاقة الاندماج النووي الآمنة طاقة الاندماج هي هدف يسعى الكثيرون لتحقيقه منذ عقود لكن الجدول الزمني لتحقيق الاندماج الأرضي يعتمد بشكل كبير على مواكبة التكنولوجيا للتطور العلمي , الذي يشهد الآن تسارعًا هائلآ بمجرد تحقيقه سيوفر الاندماج طاقة رخيصة وصديقة للبيئة وشبه دائمة وسيحدث نقلة نوعية في المجتمع .
كما تستخدم محطات الطاقة النووية الحالية الانشطار النووي ، أي انقسام للذرات في الاندماج تجبر الذرات على الانضمام إنها مهمة أصعب بكثير لكنها تطلق طاقة أكبر بكثير تعمل النجوم بما فيها الشمس ، بالاندماج النووي لا تسبب طاقة الاندماج أي تلوث للهواء ولا تشكل خطر الانصهار النووي , ولا تصدر أي انبعاثات لغازات دفيئة , ولا تخلف نفايات مشعة طويلة الأمد .
إن النهج السائد يدمج نوعين من ذرات الهيدروجين :: الديوتيريوم الذي يحتوي على بروتون واحد ونيوترون واحد في النواة و التريتيوم الذي يحتوي على بروتون واحد ونيوترونين البروتونات موجبة الشحنة وتتنافر . كما يتطلب الاندماج ضغطًآ وحرارة كافيين لاصطدامها بسرعة عالية الحرارة اللازمة التي تصل إلى مئات الملايين من الدرجات المئوية، كافية لإذابة أي شيء قد يحتوي على البلازما - وهي غاز مؤين تدور فيه الإلكترونات والنوى بشكل مستقل تستخدم مجالات مغناطيسية قوية لتمركز البلازما داخل المفاعلات بعيدآ عن الجدران .
معظم مفاعلات الديوتيريوم-التريتيوم حلقية الشكل وهو مصطلح هندسي يشير إلى شكل الدونات تواجه هذه الأنظمة تحديات منها الحاجة إلى مرافق مناولة الديوتيريوم-التريتيوم وندرة التريتيوم وحجم وتكلفة مغناطيسات الموصلات الفائقة .
كما أدرك فريق TAE وجود طريقة مختلفة بدأوا بهدف محدد :: كيف سيبدو المفاعل الآمن حقًآ ؟؟ استنتجوا أن الحل الوحيد هو إستخدام اندماج الهيدروجين والبورون. ينتج هذا التفاعل ثلاث نوى هيليوم فقط تسمى أيضآ جسيمات ألفا - ومن هنا جاء الاسم الأصلي لـ TAE، طاقة ألفا الثلاثية - وأشعة سينية، يمكن التقاطها لتوليد الكهرباء عن طريق تسخين ألواح معدنية لتبخير ثاني أكسيد الكربون السائل وتشغيل توربين .
مسار التصادم ::---
بدأ "روستوكر" أستاذ الفيزياء السابق في جامعة كاليفورنيا إيرفين , و تلميذه ميشيل بيندرباور وجميع من شاركوا في تأسيس الشركة في بداياتها، بمعالجة هذه المشكلة في أوائل التسعينيات، وأسسوا شركة TAE عام 1998. يشغل بيندرباور الآن منصب الرئيس التنفيذي للشركة , كما تقدمت شركة TAE بطلبات للحصول على أكثر من 1400 براءة اختراع وحصلت عليها , وحصلت على أكثر من 750 مليون دولار أمريكي من رأس المال الاستثماري , و أجرت الشركة أكثر من 100 ألف تجربة , ويعمل بها الآن حوالي 200 شخص من أكثر من 30 دولة وتعمل الشركة حاليآ على مفاعلها التجريبي من الجيل الخامس المسمى "نورمان" , نسبةً إلى الراحل روستوكر .
إن منصة الاندماج النووي لشركة TAE هي عبارة عن أنبوب مستقيم بطول 20 مترآ محاط بمغناطيسات دائرية يطلق الغاز بسرعة عالية من كلا طرفيه تخطط شركة TAE لاستخدام مزيج من الهيدروجين والبورون في نهاية المطاف ولكن إلى أن تصل إلى درجات حرارة كافية فإنها تستخدم الهيدروجين والديوتيريوم .
تتصادم التيارات وتندمج وتبدأ بالدوران تطلق مجموعة من ثماني حزم مسرِعة خارج الحجرة المركزية جسيمات محايدة - الديوتيريوم - على البلازما مما يسخِنها و يبقيها تدور عندما تدور البلازما , تنشئ مجالها المغناطيسي الخاص مما يساعد على احتوائها .
و عندما يمر جسيمان بجانب بعضهما البعض تكون فرصة اصطدامهما وجهآ لوجه واندماجهما ضئيلة للغاية. لهذا السبب يحافظ المفاعل على احتواء البلازما ودورانها , كما يقول "روميرو" :: "هذا يعطي الجسيمات احتمالية أكبر للاصطدام" تكمن المشكلة في أن البلازما غير مستقرة وتميل إلى الانتشار .
النهاية خضراء ::---
تحرز شركة TAE تقدمآ مطردآ فعلى الرغم من التحديات الفيزيائية التي تمثلها بلازما درجات الحرارة الفائقة , فإن إحدى مزايا مفاعلات FRC هي أنها أسهل ميكانيكيآ في البناء والصيانة من المفاعلات الحلقية التقليدية , و يتذكر "روميرو" دعوة زوار إلى المنشأة قبل بناء أحد أجهزة الاندماج الخاصة بهم وعرض عليهم غرفة فارغة , ويتذكر قوله لهم :: "سنبني هذا، وفي غضون عامين، سيكون كل شيء جاهزآ ". "وكان رد فعلهم :: 'مستحيل' . وأعدناهم بعد عام واحد وأصبح النظام جاهزآ للعمل وكان الأمر مذهلآ بالنسبة لهم" .
أثبتت شركة TAE الآن قدرتها على التحكم الفعال في البلازما كما أثبتت أن التجارب قابلة للتطوير بشكل جيد - فمع زيادة الطاقة لا تستقر درجة الحرارة فقط , وقد أجيب على أصعب الأسئلة حول ما هو ممكن بدلآ من توسيع نطاق المشروع ثم اكتشاف فشل الأفكار الأساسية يقول "روميرو" :: "نؤمن بما نسميه "الفشل أولآ" . ليس من المنطقي تأجيل الإنجاز المذهل إلى النهاية" .
جهاز الاندماج النووي التالي لشركة TAE، "كوبرنيكوس"، قيد التطوير حاليآ , وهو منصة بحجم مفاعل مصممة للعمل عند حوالي 100 مليون درجة مئوية وهي تقريبآ نفس درجات الحرارة المطلوبة لاندماج الديوتيريوم والتريتيوم (مع ذلك، لن يعمل كوبرنيكوس بالتريتيوم). بعد ذلك، تخطط TAE لبناء نموذج أولي نهائي يسمى دافنشي لإظهار صافي اكتساب الطاقة من دورة وقود الهيدروجين والبورون مما يعني أن التفاعل يمكن أن ينتج طاقة أكبر من تلك المستخدمة فيه .
إن الطاقة اللازمة لإجراء تجربة وجيزة تفوق الطاقة المخصصة للمكاتب التجارية لذا اضطرت شركة TAE إلى أن تصبح خبيرة في إدارة الطاقة وتخزينها وتوزيعها استراتيجيآ , وتجري الشركة حاليآ محادثات لتسويق هذه الابتكارات تجاريآ . الهدف الذي يسعون إليه يتجاوز مجرد مفاعل طاقة اندماجية .
كما يقول "روميرو" :: "لسنا نعمل فقط في مجال توليد الكهرباء بل في مجال توفير حل شامل للانتقال إلى اقتصاد خالٍ من الكربون. لا يهم حقآ توفير كل الكهرباء إذا كانت السيارات لا تزال تعمل بالبنزين فأنت لا تحل المشكلة " .
0 تعليقات